.
لمسة يسوع

لم يمت المسيح كشهيد

{[['']]}

لم يمت المسيح كشهيد


لم يكن ممكنًا أن يموت المسيح كشهيد لأن "بالخطية الموت"، والمسيح كان خاليًا من الخطية "ليس فيه خطية". فلم يكن للموت سلطان عليه، كما قال بفمه الكريم: "ليس أحد يأخذها (أي حياتي) مني بل أضعها أنا من ذاتي". ولذلك قصد اليهود مرارًا أن يقتلوه، ولكن لم يجسر أحد أن يمسكه بل كان يمر في وسطهم ويمضي "لأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ". وحتى في الليلة الأخيرة التي فيها قبضوا عليه، عندما قال لهم: "أَنَا هُوَ، رَجَعُوا إلى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأرض" (يوحنا 18: 6).

وعندما حوكم أمام بيلاطس، لم يدافع عن نفسه، ولم يجب على أسئلته حتى تعجب الوالي جدًا، وكذلك هيرودس. ولكن لما قربت الساعة المعينة "ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إلى أُورُشَلِيمَ" (لوقا 51:9)، ولم يثنِ عزمه توسلات تلاميذه ومنهم بطرس الذي قال له: "حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هَذَا!" (متى 22:16). كما يقول بروح النبوة "إلى الْوَرَاءِ لَمْ أَرْتَدَّ... جَعَلْتُ وَجْهِي كَالصَّوَّانِ".

(إشعياء 5:50-7)

وعندما أتت الساعة سلم نفسه بإرادته، وأيضًا "مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ" (أعمال 23:2)، "لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ[9]" (عبرانيين 9:2).

ويظهر الغرضان الساميان من تقديم المسيح نفسه للموت في آية واحدة حيث يقول الرسول بولس: "كما أحبنا المسيح أيضًا وأسلم نفسه لأجلنا قربانًا وذبيحة لله رائحة طيبة" (أفسس 2:5). وزيادة على الشواهد العديدة التي قدمناها للدلالة على موت المسيح الفدائي الكفاري نضيف الشواهد الآتية:

من العهد القديم: "ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ... يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ... لَصِقَ لِسَانِي بِحَنَكِي (من العطش) وَإلى تُرَابِ الْمَوْتِ تَضَعُنِي" (مزمور 22: 16، 18، 15). "الْعَارُ قَدْ كَسَرَ قَلْبِي فَمَرِضْتُ. انْتَظَرْتُ رِقَّةً فَلَمْ تَكُنْ، وَمُعَزِّينَ فَلَمْ أَجِدْ... وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي خَلاًّ" (مزمور 20:69-21). "وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِجُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إلى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا... جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ... بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا... وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ" (إشعياء 53). وفي نبوة زكريا نجد الثلاثين من الفضة التي باع بها يهوذا سيده (زكريا 12:11)، ونجد طعن جنب المسيح بالحربة (زكريا 10:12)، ونجد أيضًا الجروح التي في يديه (زكريا 6:13).

من العهد الجديد: "لأَنَّ ابْنَ الإنسان أيضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ" (مرقس 45:10). "جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ" (يوحنا 51:6). "لأَنَّ فِصْحَنَا أيضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبِحَ لأَجْلِنَا" (1كورنثوس 7:5). "الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ" (1كورنثوس 3:15). "الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا" (أفسس 7:1). "الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ" (1تيموثاوس 2: 6). "الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا" (تيطس 14:2). "عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ... بِدَمٍ كَرِيمٍ... دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ" (1بطرس 18:1-20). "الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ" (1بطرس 24:2). "الْمَسِيحَ أيضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إلى اللهِ" (1بطرس 18:3). "الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ" (رؤيا 5:1).


دليل قبول الكفارة


هل قُبِلَتْ كفارةُ المسيح؟ نعم، بكل يقين. وأول دليل على ذلك انشقاق حجاب الهيكل في لحظة موت المسيح. والحجاب هو الذي كان يغلق الطريق إلى محضر الله.

والدليل الثاني، أن الله أقام المسيح من الأموات. "الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا" (رومية 25:4).

والدليل الثالث، أنه دخل إلى السماء "كَسَابِقٍ لأَجْلِنَا" (عبرانيين 20:6)، أي أنه فتح لنا الطريق للدخول إلى هناك. ولم يدخل إلى السماء فقط بل "جلس في يمين العظمة في الأعالي" حيث قال له الله، إذ شبع بكمال عمله على الصليب: "اِجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ" (عبرانيين 3:1 و13).
بركات الإيمان بالفداء

لقد أكمل المسيح عمل الفداء وصار كل شيء معدًّا للاقتراب إلى الله والتمتع بكل بركاته. وليس على الإنسان إلا الإيمان بكمال الفداء الذي أتمه المسيح لأجله شخصيًا. وما أكثر، وما أعظم البركات التي ينالها المؤمن! الواقع أنها "كُلّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ" (أفسس 3:1) ولا يسعنا الوقت لتعداد هذه البركات ولكننا نذكر منها ما يأتي:

غفران الخطايا، التبرير (كأن المؤمن لم يفعل ذنبًا على الإطلاق)، الولادة الثانية (أي الحصول على طبيعة جديدة طاهرة)، عطية الروح القدس ليسكن في المؤمن، وبه يميت أعمال الطبيعة الفاسدة، وينتج ثمار الطبيعة الجديدة. كما أنه بالروح القدس يقدّم الصلاة والعبادة المرضية لله "السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ" (يوحنا 23:4).

وهكذا تأتي نفس المؤمن إلى الله ساجدة متعبدة لتتمتّع بالشركة معه كالآب المحب، ولها اليقين بأنه عندما يأتي المسيح ثانية تكون معه في المجد في بيت الآب (يوحنا 3:14).
شارك الموضوع :

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق