{[['']]}
- فساق الغنم إلى ما وراء البرية (3: 1). ما وراء البرّيّة يعني مكاناً بعيداً عن ضجيج العالم. إنّه عالم من الصمت حيث يمكننا أن نلمس حضور الله في الجبال ورمل الصحراء، والشمس وماء الواحةٍ، مكانٌ يتكلّم فيه الصمت ولا شيء يبعدنا عمّا هو جوهري.؟
- فتراءى له ملاك الرب في لهيب من نار في وسط عليقة (3: 2). إنه لمنظرٌ عجيب علّيقة مشتعلة وهي لا تحترق. العلّيقة شيء عاديّ في البرّيًة فلماذا يختار الله علّيقة ليُظهِر ذاته؟
حياتي مليئة بعلّيق جافّ مليء بالأشواك. إنّني أحاول أن أتجنّبه، ولكن ها هي العلّيقة تشتعل فجأةً...، ويصبح مرضي، فشلي، ضعفي، كلّ هذا العلّيق الّذي أتجنّب النظر إليه، هو الوسيلة الّتي يُظهر الله ذاته من خلالها. إنّ علّيقتي تشتعل فجأةً، - دون أن تفنى أو تحترق أو تختفي! – وأكتشف فيها حضور الله. إلهنا لا يلزمه علامات مُبهرة، خارقة، ليُريني حضوره.
- أدور وأنظر إلى هذا المنظر العجيب (3: 3). عندما استدار موسى ليرى، كان مستعدّاً أن يحيد عن الطريق الّذي خطّطه لنفسه. لقد ابتدأ يعرف أنّ طرُق الله تختلف عن طرُق الإنسان. وعندما رأى الله أنّ موسى حاد عن طريقه، وجد أنّه يمكنه التوجّه إليه بالكلام. هل نحن مستعدّون لأن نحيد عن الطريق الّذي رسمناه لأنفسنا، عارفين بأنّ الله قد يختار طرُقاً غير طرُقنا؟ عندما يرى الله أنّني مستعدّ لأن أدعه يقود خطاي، سيتمكّن من أن يوجّه إلي الكلام.
- فناداه الله: موسى، موسى (3: 5). عندما يجدني مستعدّاً، يمكنه أن يناديني باسمي. «لقد دعوتك باسمك وأنا أحبّك» (أش 43: 1- 4). الله لا يدعو بشكلٍ عامّ، إنّه يدعوني شخصيّاً، إنّه يختارني شخصيّاً: «موسى، موسى»، عندما يدعوني باسمي وأجيبه «ها أنذا» سيُظهر ذاته.
- «إخلع نعليك من رجليك» (3: 5). الحذاء هو أكثر ما يكون وضاعة لدى الإنسان وأكثر ما يتّسخ ولا يخلع المؤمنون أحذيتهم عن عَبَث عند دخولهم إلى الجامع أو على عتبة المنزل، فذلك يدلّ على احترام للمكان أو لعدم تدنيسه. اخلع إذاً كلّ ما هو وضيع أو متّسخ فيك، لأنّ هذه الأرض هي أرض مقدّسة. «لا يمكننا ملاقاة الله إلاّ ونحن ساجدون». اخلع إذاً كلّ أنـانيتك والأفكار والتصوّرات المسبقة لتكون متواضعاً ومستقبلاً عندما تقف أمام الله.
- أنا إله آبائك إبراهيم وإسحق ويعقوب (3: 6). أعرفك منذ زمن بعيد، عرفتك منذ أن كنت في بطن أمّك، إنّي أسير معك منذ أجيال عدّة، عرفتٌ أجدادك كلّهم وسِرتُ معهم، ويمكنك أن تشعر معي بالأمان كما في عائلتك.
- إنّي قد رأيت مذلّة شعبي(3: 7). سمعت صراخه، وعلمت بآلامه؛ فقرّرت أن أنزل بنفسي وأن آتي لأنقذه. إنّه حبّ يقترب أكثر فأكثر إلى أن يتحد مع الحبيب. يمكننا أن نرى من بعيد، لكن لا يمكننا أن نسمع إذ علينا أن نقترب أكثر، ونفتح قلبنا، وإن فتحناه فعلاً فلن نجد الراحة إلاّ إذا اتـحدنا بمن نحبّ. أليس ذلك كلّ ديناميكيّة التجسّد؟ إنّه من «منطق» إلهٍ، هو الحبّ بذاته، أن ينضمّ إلى الإنسان ليُصبح مَن يُحبّه.
- والآن اذهب، إنّي أرسلك إلى فرعون. أخرِج شعبي من مصر (3: 10). إنّي أتحضّر للمجيء بنفسي، لكن يلزمني بعض الوقت. في الوقت الحاضر أرسلك أنت، نيابةً عنّي، لكي يفهم شعبي من خلالك أنّي أرى مذلّته وأسمع صراخه، أعرف آلامه وأتحضّر للمجيء بنفسي. الله يحتاج إلى البشر ليجعل حضوره فاعلاً.
خلاصة:
الله يريد منّي اليوم أن أكون مستعدّاً للإعلان بأنّ إلهنا هو إله محبّة، يرى مذلّة شعبه، يسمع صراخه، ويعلم بآلامه، وينزل ليخلّصه. وكما كان بحاجة إلى موسى في الماضي، الله بحاجة إليَّ اليوم ليُكمّل تجسّده ويكون عمّانوئيل (الله مع شعبه).
زوّادة روحيّة:
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق